الثلاثاء , مارس 19 2024

التصميم الحرارى للمبانى لترشيد استهلاك الكهرباء

‏يعتبر التصميم الحراري المناسب لغلاف المبنى والذي يشمل كافة العناصر الإنشائية الخارجية التي تحده بالبيئة الخارجية من أهم الوسائل المتبعة في ترشيد استهلاك الكهرباء.

ويؤدي التصميم الحراري الصحيح إلى خفض الأحمال الحرارية والتبريدية والتي يتحدد بموجبها استخدام أجهزة تدفئة وتبريد ذات كلفة رأسمالية وتشغيلية منخفضة تحقق الهدف في توفير الجو الصحي المريح داخل المبنى. ويشكل العزل الحراري للعناصر الإنشائية الخارجية واختيار النوافذ الخارجية المناسبة من حيت النوع والمساحة والاتجاه الجغرافي واحكام إغلاق فواصلها أمام تسرب الهواء من خلالها عاملا مهما في التصميم الحراري للوصول إلى هذا الهدف بطريقة اقتصادية فعالة. كما أن استعمال وسائل وأساليب تصميمية أخرى كوسائل التصميم السلبي (Passive Design‏) أو ما يعرف بالتصميم المناخي (Climatic Design) هي إجراءات تصميمية مهمة يجب عدم إغفالها لتحسين الأداء الحراري للمبنى مما يزيد من توفير الطاقة ورفع مستوى الارتياح الحراري.
اعتبارات عامة فى التصميم الحرارى

‏فيما يلي أهم الاعتبارات التي يجب أن تؤخذ في الحسبان عند تصميم المبنى حراريا:
1. ‏معرفة وتقييم الظروف الداخلية التي تحقق الارتياح الحراري والصحة والأمان لشاغلي المبنى.
2. معرفة وتحديد الأحوال والظروف المناخية السائدة لتوظيفها في أفضل تصميم يحقق المتطلبات النوعية المطلوبة.
3. تحديد الوسائل والإجرادات التصميمية المراد اتباعها ومعرفة خصائص المواد الإنشائية والعازلة للحرارة المستخدمة للوصول إلى الفوائد التي تتحقق معها الظروف المناسبة للإقامة والعمل داخل حيز المبنى.
‏يجب قبل البدء بعملية التصميم تحديد المتطلبات اللازم توفرها داخل المبنى والظروف الجوية الخارجية السائدة صيفأ وشتاءا للمنطقة الجغرافية التي يقع فيها المبنى وتشمل:
1- داخل المبنى
· درجة الحرارة التصميمية الداخلية.
· الرطوبة النسبية المتوقعة.
2- خارج المبنى
· درجة الحرارة التصميمية الخارجية.
· الرطوبة النسبية الدنيا والقصوى.
· سرعة ‏الرياح واتجاهها.
· شدة الاشعاع الشمسي وزاوية سقوط الأشعة.

الهدف من التصميم الحرارى

‏يهدف التصميم الحراري للمباني إلى تحقيق ما يلي:
1- ‏الحد من انتقال الحرارة عبر العناصر الإنشائية الخارجية لغلاف المبنى سواء كان ذلك على شكل فقدان حراري من داخل المبنى إلى خارجه في حال تدفئة المبنى في الشتاء أو على شكل كسب حراري من الخارج إلى الداخل في فصل الصيف.
2- ‏توفير في الطاقة المستخدمة لأغراض التدفئة والتبريد.
3- ‏رفع مستوى الارتياح الحراري وتوفير الجو الصحي الداخلي لشاغلي المبنى طيلة فصول السنة.
4- حماية المبنى من تأثيرات البيئة الخارجية والاجهادات الحرارية والأضرار الناتجة عن ذلك.
5- ‏منع أو التقليل من حدوث التكثف الداخلي في المباني وتجنب الأضرار الناجعة عن ذلك.
6- ‏تخفيض تكاليف الصيانة الناتجة عن أضرار الرطوبة والاجهادات الحرارية للمباني.
7- ‏تخفيض الكلفة الرأسمالية لأجهزة التدفئة والتبريد وتكاليف صيانتها.
‏يتضح من الأهداف المذكورة أن التصميم الحراري للغلاف الخارجي للمباني هو استثمار اقتصادي يؤدي إلى توفير الطاقة والمال بالإضافة إلى كونه ضرورة لا يمكن الاستغناء عنها لتحقيق متطلبات السكن الصحي المريح، كما يؤدي إلى رفع القيمة السكنية للمبنى ويزيد من العمر التشغيلي له بحمايته من أضرار الرطوبة وتأثيرات البيئة الخارجية.

‏تعتبر المتطلبات التصميمية المنصوص عليها في هذا الموضوع تخص فقط المباني والمنشات المستخدمة لأغراض الإشغال البشري كالبيوت والمباني السكنية و‏المدارس والجامعات ومعاهد التعليم والمكتبات والمستشفيات ودور الرعاية ورياض الأطفال والفنادق والمطاعم و‏المباني العامة والمنشات الحكومية ومباني الإدارة والمكاتب وقاعات الاجتماع والاحتفال والمسارح ودور العبادة المزودة بنظام تدفئة مركزية أو تكييف هواء. و‏يستثنى من ذلك كافة المباني والمنشات التي تقتضي طبيعتها أن تبقى مفتوحة للهواء الخارجي كالدكاكين وبعض المصانع والمشاغل والكراجات أو تلك غير المخصصة للإشغال البشري كالمخازن. كما تستثنى المباني التي تتطلب عزلآ حراريأ معينأ ولها متطلبات تصميمية خاصة كغرف التبريد والمستودعات المخصصة لحفظ المواد التموينية أوالأدوية.
العوامل المؤثرة فى التصميم الحرارى

1- الانتقالية الحرارية

‏تتعلق كمية الحرارة المتنقلة عبر عناصر المبنى الخارجية بشكل رئيسي بالخصائص الحرارية للمواد التي تتكون منها هذه العناصر وسماكاتها وتعرض سطوحها الخارجية للعوامل الجوية المؤثرة. ويمكن الحكم على مدى فقدان الحرارة من المبنى ومستوى أدائه الحراري بقيم الانتقالية الحرارية لعناصره الإنشائية التي تشكل الغلاف الخارجي. ويعتبر العزل الحراري للعناصر الخارجية من أهم العوامل المؤثرة في زيادة المقاومة الحرارية وبالتالي خفض قيمة الانتقالية الحرارية لهذه العناصر. فكلما قلت هذه القيمة كلما زادت قدرة العزل الحراري للمبنى بتقليل الحرارة المفقودة من المبنى في فترة التدفئة والحرارة المكتسبة في الصيف. وعليه، يجب تصميم العناصر الخارجية للمبنى بعزلها حرار
يأ بشكل تتحقق معه المتطلبات التصميمية المنصوص عليها.
‏وتشكل بعض أنواع النوافذ ذات الانتقالية الحرارية المنخفضة كالنوافذ ذات الزجاج المزدوج والزجاج المعالج عاملا مهمأ في المساهمة بتخفيض الانتقالية الحرارية الكلية للمبنى وتحسين أدائه الحراري.
2- الإتجاه الجغرافي

‏تؤثر الرياح في فصل الشتاء على المقاومة الحرارية للسطوح الخارجية لعناصر البناء المواجهة لها. وتتناسب شدة تأثر السطوح بالرياح مع شدة الرياح ذاتها، فكلما زادت سرعة الرياح انخفضت قيمة المقاومة الحرارية للعناصر الخارجية. هذا بالإضافة إلى أن كميات كبيرة من الحرارة يتم فقدانها بتسرب الهواء البارد بفعل الرياح إلى داخل المبنى من خلال فواصل الأبواب والنوافذ المواجهة للرياح وعبر الشقوق والفواصل الإنشائية غير محكمة الإغلاق.
‏من جهة أخرى، تعتبر أشعة الشمس المباشرة مصدرآ حراريأ إضافيا يمكن الاستفادة منه في فصل الشتاء. وبذلك نجد أن الاتجاه الجغرافي للمبنى له دورا مهما في عمليات فقد الحرارة وكسبها وعليه يجب مراعاة ما يلي:

· أحكام إغلاق كافة فواصل المبنى إغلاقا جيدأ أمام تسرب الهواء إلى داخل حيز الإشغال وخاصة فواصل النوافذ والأبواب، مع مراعاة إيجاد تهوية طبيعية يمكن التحكم بها والضرورية لصحة المقيمين داخل المباني حسب طبيعة الاشغال.
· ‏التقليل قدر الإمكان من مساحات الأبواب والنوافذ والواجهات المعرضة للرياح السائدة حيث أن زيادة هذه المساحات يؤدي إلى زيادة فقدان الحرارة.
· زيادة مساحات الواجهات الزجاجية المواجهة للشمس (الشرقية والجنوبية) للاستفادة من حرارة أشعتها في فصل الشتاء.
· ‏اتخاذ التدابير اللازمة لمنع دخول أشعة الشمس إلى داخل المباني صيفا، والمتمثلة بإجراءات التظليل الخارجية المناسبة التي تحد من دخول اشعة الشمس صيفأ وتسمح بدخول أشعة الشمس في فصل الشتاء. كما أن استعمال الأباجورات يقلل من الفقدان الحراري عبر النوافذ عند غياب الشمس في فصل الشتاء وفي فترة الليل.
3- شكل المبنى وموقعه

‏هنالك عوامل أخرى يجب أخذها فى الاعتبار عند إجراء عمليات التصميم وهي:
(أ) شكل المبنى:
‏يؤثر شكل المبنى الهندسي سلبا أو إيجابأ على كسب الحرارة وفقدانها من خلال العناصر الخارجية، فكلما زادت المساحة المعرضة للعوامل الخارجية إزداد معها الفقد والكسب الحرارى. وعلى المصمم أن يراعي اختيار الشكل المناسب للمبنى بتقليل مساحة الجدران الخارجية قدر الإمكان مقابل حجم المبنى، حيث تعتبر المباني مربعة الشكل أقل إهدارا للطاقة من المباني المستطيلة أو تلك المضلعة وكثيرة البروزات الخارجية. كما تعتبر المباني الممتدة أفقيأ اكثر فقدا وكسبا للحرارة من تلك الممتدة عموديأ. ويفضل أن تكون الأجزاء التي سيجرى تدفئتها أو تكييفها في المبنى متلاصقة ومتجاورة لا تفصل بينها أجزاء أخرى غير مدفأة أو غير مكيفة حيث يؤدي ذلك إلى توفير نسبة لا يستهان بها من الطاقة المستخدمة.
‏(ب) موقع المبنى الطبوغرافي:
‏إن وقوع المبنى أو المنشأ على هضبة مرتفعة يعرضه للرياح والأمطار وأشعة الشمس أكثر مما لو كان ‏واقعا في وادى منخفض في المنطقة ذاتها أو على سفح المرتفع. كما أن وقوع المبنى أو المنشأ على السفح المواجه للرياح السائدة يعرضه إلى عوامل التأثير المذكورة أكثر مما لو كان مقامأ على السفح المعاكس.
‏(ج) موضع المبنى من المباني المجاورة:
‏إن وقوع المبنى أو المنشأ ضمن مجمع سكني متعدد المباني يزيد في حمايته من تأثير الرياح والأمطار وأشعة الشمس.
‏(د) ارتفاع المبنى:
‏إن زيادة ارتفاع المبنى أو المنشأ عن باقي المباني المجاورة والمحيطة به يجعله عرضة لمواجهة الرياح والأمطار المباشرة أكثر مما لو كان متساويأ معها في الارتفاع. وبشكل عام، فكلما كان المبنى أكثر تعرضأ لعوامل ‏الجو الخارجية، تطلب ذلك اهتمامأ أكبر في عمليات التصميم من حيث الشكل المعماري ونسبة الفتحات والواجهات الزجاجية واتجاهاتها ونوعية المواد المستخدمة في الجدران والسقوف وسماكاتها وترتيب طبقاتها. ويراعى عند حساب الانتقالية الحرارية للعناصر الإنشائية أن تؤخذ درجة تعرض المبنى للعوامل الجوية بالحسبان.
الارتياح الحرارى

‏يعتبر الارتياح الحراري وتأمين الجو الصحي المريح من أهم الأهداف التي يسعى إليها التصميم الحراري للمبنى. ويعرف الارتياح الحراري حسب ما ورد في المواصفات الدولية (ISO-7730) بأنه (الحالة الذهنية التي يشعر فيها الإنسان بالرضى والنشاط في البيئة الحرارية ‏المحيطة به) ويتحدد مستوى الارتياح بمجموعة من العوامل المؤثرة على الحالة الفسيولوجية للإنسان في الحيز الذي يعيش فيه. ويصبح الشخص في حالة ارتياح حراري إذا كانت معدلات الطاقة التي ينتجها الجسم بما يتناوله من غذاء أو ما يسمى بالتفاعل الحيوي تعادل تلك التي يفقدها إلى الجو المحيط، ويعبر عن هذه الحالة أيضأ بالاتزان الحراري. أما العوامل المؤثرة على الارتياح الحراري للإنسان فهي:
‏أ) عوامل مرتبطة بالإنسان نفسه.

نوع النشاط: تتعلق معدلات الطاقة الحرارية الناتجة عن التفاعل الحيوي لجسم للإنسان والتي يقوم بتبديدها في الجو المحيط بنوع النشاط والعمل الذي يمارسه (انظر الجدول رقم(2) ).
‏الملابس: يحدد نوع اللباس الذي يرتديه الإنسان مدى المقاو
مة الحرارية التي يبديها الجسم أمام فقدانه للطاقة التي ينتجها إلى الجو المحيط. وتزداد هذه المقاومة بسماكة هذه الملابس ومقدرتها على عزل الحرارة.
‏ب) عوامل مؤثرة ذات ارتباط مباشر بالظروف البيئية المحيطة.

1- ‏درجة حرارة الهواء
2- ‏الرطوبة النسبية
3- ‏حركة أو سرعة الهواء
4- ‏متوسط الحرارة الإشعاعية
‏يمكن التحكم عمليا بالعوامل الثلاثة الأولى المذكورة في البند (ب) بواسطة أجهزة التدفئة والتكييف والتهوية الصناعية للوصول إلى المستويات المرغوب فيها. إلا أن درجة الحرارة الإشعاعية تتعلق مباشرة بدرجة حرارة العناصر الإنشائية المحيطة بحيز الإقامة كالجدران والسقف والنوافذ والتي لا يمكن التحكم بها وتقليل أثرها السلبي إلا عن طريق التصميم الحراري لهذه العناصر بعزلها حراريا بطريقة مناسبة. يجري تحديد مستوى الارتياح الحراري للعوامل المؤثرة المذكورة أعلاه بأشكال بيانية تبين المجال الذي يقع فيه هذا المستوى والذي يسمى مجال الارتياح الحراري.

يبين الشكل رقم (1) مجال الارتياح الحراري المتعلق بدرجة حرارة الهواء والرطوبة النسبية. كما يبين الشكل رقم (2) المجال المتعلق بحركة الهواء .
‏أما الشكل رقم (3) فيظهر مجال الارتياح الحراري المتمثل بالعلاقة بين متوسط درجة حرارة الهواء داخل حيز الاشغال ومتوسط درجة حرارة السطوح الداخلية للعناصر الإنشائية.
‏يتبين من المثال الموضح في الشكل (3) أن متوسط درجة حرارة السطوح الداخلية لغرفة في مبان غير معزولة حراريأ والتي يعبر عنها (بمتوسط الحرارة الإشعاعية) تقل بشكل ملموس عند درجة حرارة هواء الغرفة المدفأة في الشتاء.

مجال الأرتياح الحراري المتعلق بدرجة حرارة الهواء و الرطوبة النسبية

مجال الأرتياح الحراري المتعلق بسرعة حركة الهواء

مجال الأرتياح الحراري المتعلق داخل حيز الأشغال

هذه الحالة تجعل الإقامة داخل المبنى غير مريحة بسبب ازدياد الإشعاع الحراري الصادر عن جسم الإنسان إلى السطوح الباردة المحيطة والتي تشكل الجزء الأكبر من الطاقة الحرارية التي يفقدها جسم الإنسان مما يؤدي إلى حدوث خلل في الاتزان الحراري. يتطلب هذا الوضع ضرورة رفع درجة حرارة المكان عدة درجات مئوية للدخول في مجال الراحة مما يعني هدر المزيد من الطاقة الحرارية من أجل الشمعور بالارتياح داخل حيز الإقامة. كما يتضح من الشكل أيضأ أن درجة حرارة سطوح العناصر الإنشائية المعزولة حراريأ تقع ضمن مجال الارتياح الحراري أو بمحاذاته حيث تكون قريبة من درجة حرارة الغرفة المدفأة مما يعني توفر الجو المريح داخل المبنى.
‏ومن جهة أخرى تتضح من الشكل الحدود القصرى للارتياح الحراري التي يجب مراعاتها في تصميم العناصر الخارجية للمبنى بهدف الوقاية الحرارية في فصل الصيف.

الإختزان الحراري

1- ‏تعريف الإختزان الحراري وأهميته في البناء

‏من الخواص الفيزيائية للمواد صفة اختزان الحرارة المنتقلة إليها والاحتفاظ بها بكميات مختلفة وكذلك فقدان هذه الحرارة المختزنة إذا لامست موادا أخرى أقل حرارة أو وسطا باردا. وتعرف هذه الخاصية أيضا بالكتلة الحرارية للمادة، حيث تكون هذه الكتلة أكبر كلما زادت قدرة المادة على اختزان الحرارة. وتتعلق كمية الطاقة الحرارية المختزنة في المادة بكثافتها (ρ) وسعتها الحرارية النوعية (C) وحجمها (V) وفرق درجات الحرارة المؤثرة لرفع درجة حرارتها (t∆) . وتصاغ كمية الحرارة المختزنة (Q) بالعلاقة التالية:

كمية الحرارة المختزنة (Q)

تشكل المواد الثقيلة كالحجارة والرخام والباطون والطوب الإسمنتي أمثلة للمواد ذات الاختزان العالي للحرارة وهي بذلك مواد ذات كتلة حرارية عالية. ‏ويعتمد استقرار الجو الداخلي للمبنى والمحافظة على فروقات ضئيلة في درجات الحرارة الداخلية خلال ساعات النهار في أيام الصيف الحارة على قدرة المادة المكونة لأجزاء البناء المحيطة على اختزان الحرارة كون هذه الأجزاء ذات كثافة عالية.
‏لذلك فإنه من المهم حين تصميم المبنى مراعاة خاصية اختزان الحرارة في المواد المستعملة في بناء الجدران الخارجية والأ سقف واختيار المواد المناسبة في تركيبة هذه الأجزاء للحصول على الحد الأ قصى من الوقاية الحرارية. وتعتبر الجدران التقليدية ذات الواجهات الحجرية وجدران الطوب الاسمنتي وكذلك الجدران والسقوف الباطونية من العناصر ذات الاختزان العالي للحرارة. إلا أن هذه العناصر الإنشائية، في نفس الوقت عالية التوصيل للحرارة بحيث تتطلب عزلآ حراريأ في حال تزويدها بأنظمة تدفئة و/أو تبريد لتحسين أدائها الحراري في حفظ الطاقة.
‏وتمثل المباني التراثية ذات الجداران الحجرية السميكة والمباني الطينية مثالآ جيدا على خاصية الاختزان الحراري حيث تمتاز هذه المباني بجو داخلي معتدل مريح في فصل الصيف على الرغم من درجات الحرارة العالية المؤثرة في الخارج.
‏يتم التمييز بين العناصر الإنشائية حسب قدرتها على اختزان الحرارة
إلى:
عناصر إنشائية ثقيلة (عالية الكثافة) ذات اختزان حراري عالي وهي بطيئة التسخين والتبريد (استجابة حرارية بطيئة).
عناصر إنشائية خفيفة (منخفضة الكثافة) ذات اختزان حراري منخفض وهي سريعة التسخين والتبريد (استجابة حرارية سريعة).
وتعتبر العناصر الخارجية متعددة الطبقات ذات استجابة حرارية سريعة إذا كانت الطبقة الداخلية فيها مكونة من مادة خفيفة وان كانت باقي طبقاتها عالية الكثافة.
‏يبين الشكل رقم (4‏) ارتفاع درجة حرارة السطوح الداخلية لجدران مختلفة الكثافة عند زيادة درجة حرارة هواء الغرفة ( 89‏) درجة مئوية خلال ثلاث ساعات وذلك حسب الاستجابة الحرارية لهذه الجدران

5

 

ويمكن الحكم على مدى الاستجابة الحرارية للمواد التي تتكون منها العناصر الإنشائية والمتمثلة بسرعة تدفئة مكان الاشغال بمعامل النفاذ الحراري ويرمز له بالحرف (b‏) ويجري حسابه كالتالي:
6
‏ويبين الجدول رقم (1) معامل النفاذ الحراري (b) لمواد إنشائية مختلفة.

7

8

2- تأثير موضع العازل الحراري في العناصر الإنشائية

‏من المهام الرئيسية للعازل الحراري تحسين الأداء الحراري للعناصر الإنشائية وتخفيض الحرارة المنتقلة عبرها، حيث يتم توفير نسبة عالية من الطاقة المستخدمة لتدفئة أو تبريد المباني بعزلها حراريا. إلا أن التصرف الحراري للعناصر المعزولة حراريا لا يتعلق فقط بعزلها حراريا وانما بموضع العازل الحراري فيها.
‏يبين الشكل رقم (5) ثلاث حالات لجدار خارجي عالي الاختزان الحراري تقع فيه طبقة العازل الحراري في الخارج والوسط والداخل، حيث يتضح تأثير الموضع لكل حالة كالتالي:
أ) عزل حراري خارجي:

‏في الحالة التي تكون فيها طبقة العازل الحراري خارجية فإن الطبقة الداخلية الثقيلة تقوم بإختزان جزء كبير من الحرارة الداخلية أثناء تدفئة المبنى في فصل الشتاء والاحتفاظ بالحرارة طويلا بينما تعمل طبقة العازل الحراري الخارجية على إعاقة انتقال هذه الحرارة المختزنة إلى الخارج والحيلولة دون فقدانها. إلا أن هذا الوضع يتطلب فترة زمنية طويلة في تدفئة المبنى قبل الوصول إلى استقرار حراري داخلي. كما أن هذه الحالة تتطلب تقنيات خاصة مكلفة في المباني المحلية ذات الواجهات الحجرية لصعوبة تثبيت العازل الحراري مباشرة تحت الواجهة الحجرية. ويمكن الاستفادة من هذه الحالة في المباني المنشأة من الطوب بحيث يمكن تثبيت العازل الحراري في الجهة الخارجية وحمايته بطبقة من القصارة السميكة.
‏ب) عزل حراري وسطي:

‏تمثل الحالة التي يكون فيها العازل في وسط الجدار حالة عملية سهلة التطبيق في الجدران الحجرية وسقوف المباني المحلية، كما يمكن تطبيقها في جدران الطوب بوضع العازل الحراري بين طبقتين من الطوب. تمتاز هذه الحالة بالإضافة إلى كونها سهلة التطبيق بتوفير أجواء مريحة في فصول السنة المختلفة. ففي فصل الشتاء تقوم الطبقة الداخلية باختزان حرارة الحيز المدفأ والاحتفاظ بها طويلا حتى في حالة توقف أو انقطاع التدفئة، في حين تعمل الطبقة العازلة التي تليها على إعاقة انتقال الحرارة إلى خارج البناء. أما في فصل الصيف فإن حرارة الجو الخارجي المرتفعة لا تنفذ بسهولة إلى داخل البناء بفضل الطبقة العازلة المتوسطة في حين تعمل الطبقة الداخلية كمنظم طبيعي للحرارة يمتص ويخمد الحرارة الصادرة عن الأشخاص والأجهزة وتلك المتسربة من خلال النوافذ وفتح الأبواب خلال النهار مما يؤمن أجواء داخلية معتدلة ومريحة للإقامة والسكن طيلة اليوم في المباني غير المكيفة. أما في المباني المزودة بأجهزة تكييف للهواء فإنه في حالة توقف الأجهزة عن العمل يبقى الجو الداخلي في حالة استقرار لفترة من الزمن بفضل الطبقة الداخلية الثقيلة كونها بطيئة الاستجابة الحرارية.
ج) عزل حراري داخلي:

‏هذه الحالة لها أثار سلبية خاصة في المباني غير المكيفة في أيام الصيف الحارة، حيث أن سرعة الاستجابة الحرارية للطبقة الداخلية، قليلة الاختزان الحراري، تؤدي إلى سرعة ارتفاع حرارة الهواء داخل المبنى (انظر الشكل رقم 4‏). فحرارة الإشعاع الشمسي النافذة إلى الداخل من خلال النوافذ والهواء الحار المتسرب إلى داخل المبنى من خلال فتح الأبواب والنوافذ سيؤدي إلى ارتفاع ملحوظ في درجة الحرارة الداخلية وانعدام الارتياح الحراري.

9

فالطبقة الداخلية العازلة للحرارة لن تكون قادرة على امتصاص الحرارة بحكم انخفاض خاصية اختزانها للحرارة وتشكل في الوقت ذاته حاجزا أمام امتصاص الحرارة من قبل الطبقة الثقيلة الموجودة خلفها.
‏مما سبق يتضح مدى أهمية الاختيار الصحيح لموضع الطبقة العازلة للحرارة في تصميم المباني وذلك بما يتناسب مع طبيعة إشغال المبنى. ففي المباني ذات الإشغال الدائم، كالمباني السكنية مثلا، يجري اختيار أحد الطريقتين في العزل الحراري الخارجي
أو الوسطي وبما يتلاءم مع سهولة التطبيق في المبنى المراد عزله حراريا. ففي حين تناسب طريقة العزل الحراري الوسطي المباني التقليدية ذات الواجهات الحجرية لكونها طريقة اقتصادية وسهلة التطبيق فإن كلا الحالتين من العزل الخارجي والوسطي يمكن تطبيقهما في المباني ذات الجدران المنشأة من الطوب. ويمثل العزل الحراري الخارجي ميزة إيجابية كبيرة في فصل الصيف في المباني الواقعة في المناطق شديدة الحرارة وذلك لما تتميز به الطبقة الداخلية من استجابة حرارية بطيئة.
‏أما طريقة العزل الحراري الداخلي فعلى الرغم من سلبياتها المذكورة في المباني دائمة الإشغال إلا أنها مناسبة في المباني المدفأة و/أو المكيفة والمستعملة لأغراض الإشغال البشري في أوقات معينة كالمكاتب والمدارس وقاعات الاجتماع. ففي الشتاء يتم تدفئة المكان في وقت قصير بسبب سرعة الاستجابة الحرارية للطبقة الداخلية مما يوفي الارتياح داخل المبنى بسرعة لمستخدميه حال دخولهم للمبنى. ولا يضير في ذلك انخفاض درجة الحرارة الداخلية بسرعة بعد مغادرة المكان وايقاف التدفئة. وكذلك الأمر في حال التكييف الصيفي حيث يتم الوصول إلى درجة الحرارة الداخلية إلى المستوى المحدد بسرعة حين تشغيل أجهزة التكييف مما يوفي الارتياح المطلوب دون الانتظار طويلا.
3- تأثير الحرارة على المبانى فى الصيف

‏تتعرض العناصر الخارجية للمباني خلال أيام الصيف لموجات حرارية دورية تؤدي إلى انتقال تيار حراري دوري عبر هذه العناصر إلى داخل المباني. ينتج عن ذلك حدوث ترددات في درجة الحرارة الداخلية ليلا ونهارا وبصورة دورية (شكل رقم 6) . ففي منتصف النهار تصل درجة حرارة السطوح الخارجية إلى ذروتها ثم تعاود الانخفاض لتصل إلى نهايتها الصغرى في الليل. تنتقل الموجة الحرارية إلى السطوح الداخلية لعناصر البناء (السقف والجدران الخارجية) بتأخر زمني قد يتراوح من وقت قصير نسبيا إلى ساعات طويلة. كما أن حدة الموجة الحرارية المؤثرة في الخارج تضعف أثناء انتقالها إلى الداخل حيث يعمل العنصر الإنشائي على إخماد وامتصاص جزء منها.
‏يسمى الفارق الزمني في وصول الموجة الحرارية من السطح الخارجي للعنصر الإنشائي إلى سطحه الداخلي بالتخلف الزمني ويقاس بالساعات، بينما تسمى النسبة بين أقصى تغير في درجات حرارة السطح الداخلي للعنصر وأقصى تغير في درجات حرارة سطحه الخارجي خلال 24 ساعة بمعامل النقص (انظر الشكل رقم 6‏).
‏تعتمد سرعة انتقال الحرارة الخارجية إلى الداخل ومدى ارتفاع درجات الحرارة الواصلة الى السطوح الداخلية على نوع المواد التي تتكون منها العناصر الإنشائية من حيث الموصلية الحرارية والكثافة والسعة الحرارية النوعية والسماكة.
فالعناصر الإنشائية ذات المواد الثقيلة والاختزان الحراري العالي تعمل على امتصاص جزء كبير من الحرارة المؤثرة في الخارج قبل وصولها إلى السطح الداخلي وذلك بخلاف العناصر المكونة من مواد أقل كثافة. وتزداد فاعلية إخماد الموجة الحرارية المؤثرة بسماكة العنصر الإنشائي، حيث يلاحظ هذا في المباني ذات الجدران الحجرية السميكة والتي تتميز بجو مريح في الداخل خلال أيام الصيف الحار. كذلك يؤثر موضع العازل الحراري داخل العنصر سلبا أو إيجابا. فوضع العازل الحراري كطبقة داخلية من شأنه أن يؤدي إلى ترددات عالية في درجات الحرارة الداخلية والمتمثلة بمعامل نقص (µ) عالي وبالتالي إلى انعدام الارتياح الحراري داخل المباني في أيام الصيف مما يتطلب تزويدها بأجهزة تكييف للهواء. أما الحالات التي يوضع فيها العازل الحراري كطبقة وسطية أو خارجية فتمتاز بمعاملات نقص متدنية. لذا فإنه يتوجب أخذ هذه المؤثرات في الاعتبار حين تصمم المباني لتوفير الوقاية الحرارية في فصل الصيف.

التصميم الحرارى للمبانى لترشيد استهلاك الكهرباء

الجسور الحرارية

‏تعتبر الجسور الحرارية في العناصر الإنشائية الخارجية مواضع ضعف ذات تأثير سلبي يجب تلافي حدوثها من قبل المهندس المصمم. والجسور الحرارية هى التي تتعرض لفقدان حراري عال يزيد عن ذلك الحاصل من الأجزاء المجاورة لها. وتعرف هذه الجسور أيضأ بالجسور الباردة، حيث تكون درجة الحرارة عند هذه الجسور متدنية في فصل الشتاء مما يجعلها عرضة لخطر التكثف السطحي ونمو العفن دون غيرها من سطوح العناصر الإنشائية الأخرى المجاورة.
وفيما يلي بعض الطرق الإنشائية المتاحة لتجنب بعض هذه الجسور الحرارية:

‏(أ) زوايا الأعمدة المسلحة وأعمدة التقوية في الجدران الخارجية:

‏تعتبر هذه المواقع من الجسور الحرارية التي كثيرا ما يتم إهمال عزلها حراريا في المباني المحلية حيث تشكل مساربا لفقدان حراري شديد يؤدي إلى تدني درجة حرارتها مما يجعلها عرضة للتكثف السطحي ويزيد من احتمال نمو العفن عليها. يبين الشكل رقم (7) الحل المقترح لمعالجة مثل هذه الجسور الحرارية بضرورة استمرارية العازل الحراري عند زوايا الجدار.

 التصميم الحرارى للمبانى لترشيد استهلاك الكهرباء

‏(ب) مواضع إلتقاء الجدران الخارجية بالسقف:

‏تشكل هذه ‏المواضع وكما يتبين من الشكل رقم (8-‏أ
) جسورا حرارية أخرى ذات فقدان حراري عالي. ويلاحظ تكون العفن في كثيرمن المباني عند هذه ‏الزوايا لعدم استمرارية العزل الحراري عندها. ويتمثل التنفيذ الصحيح بتركيب عازل حراري يكون متصلا بطبقة العازل الحراري في الجدران وممتدا على الحافة السفلية للسقف إلى الداخل بمسافة لا تقل عن 50 سم كما هوموضح في الشكل رقم (8-ب). يوضع في هذه ‏الحالة شبك معدني خفيف مباشرة تحت العازل الحراري المضاف من أجل تماسك أفضل مع قصاره ‏السقف. 

12

(ج) زوايا إلتقاء الجدران الخارجية مع الأرضيات:

‏تمثل زوايا إلتقاء الجدران الخارجية مع الأرضيات مواضع أخرى يتم عندها فقد كبير للحرارة قد يؤدى إلى تكثف الرطوبة وتشكل العفن عند هذه المواضع. لذا فإنه من الضروري أن لا يكتفي عند عزل الجدران الخارجية حراريا بإيصال طبقة العزل الحراري إلى مستوى أرضية المبنى حيث يشكل الموضع تحت العازل الحراري مسربا مهما لفقدان الحرارة كما يتضح في الشكل رقم (9‏). ويمكن معالجة ذلك بإكمال الطبقة العازلة للحرارة لتمتد إلى مسافة لا تقل عن 50 سم.

13

شاهد أيضاً

مديلر الم

مديرة المشروع القومي لنظم الخلايا الشمسية: تم توفير 16 ميغاواط من الكهرباء

سلطت الدكتورة هند فروح ، مديرة المشروع القومي لنظم الخلايا الشمسية الصغيرة بمشروع الأمم المتحدة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *