الأحد , مايو 5 2024

لبنان يلتزم في مراكش بـ 100 بالمئة طاقة متجددة والتوقف عن استخراج الوقود الأحفوري

مراكش – أنور عقل ضو |  رائعٌ أن ينضم لبنان إلى “منتدى المعرضين مناخيا”، إلا أن إعلان التزامه إلى جانب 46 دولة بتحويل إنتاجها للطاقة بأسرع وقت ممكن إلى المصادر المجددة،

أثار سخرية المؤتمرين في مؤتمر مراكش عند الإعلان عن هذا الالتزام الواعد، وقد غمز بعضهم من قناة أزمة النفايات المستمرة ومن ردمنا للبحر سبيلا للتخلص منها، خصوصا وأن هذا الالتزام عنوانه التوقف عن إنتاج الوقود الأحفوري والتحول 100 بالمئة نحو الطاقة المتجددة، من الآن حتى العام 2050! لقد تحول مؤتمر مراكش منصة لإطلاق الوعود دون سقوف واضحة وأطر ومحددة لتحقيقها، ولا آليات تضفي عليها بعضا من مصداقية، وهذا ما تكرر في مؤتمرات سابقة مع تبني الدول لـ “التخفيف والتكيّف” و”تسعير الكربون” و”نقل التكنولوجيا والتوسّع في استخدام الطاقات المتجددة” و”التمويل” وتأمين 100 مليار دولار أميركي حتى حدود العام 2020، وقد فشلت على سبيل المثال “تجارة الكربون” التي طرحت في “بروتوكول كيوتو” في الحد من الانبعاثات، وحتى طروحات “الاقتصاد الأخضر” فشلت بدورها في الحد من الانبعاثات، للاعتبارات والأسباب ذاتها. وتبنى لبنان مع الدول الـ 46 القرار في محادثات بشأن المناخ، تفاصيل اتفاق العام الماضي في باريس، لإبقاء الارتفاع في درجات الحرارة في مختلف أنحاء العالم عند أقل من 2 درجة مئوية، والسعي لبذل جهود لإبقاء الزيادة في درجة الحرارة اقل من 1,5 درجة مئوية. مفارقة غريبة وسوف تقوم الدول التي تبنت الوثيقة، ومن بينها لبنان بتحديث خططها الوطنية للحد من الانبعاثات، والتي كانت قد قدمتها لمؤتمر باريس للمناخ العام الماضي في أسرع وقت ممكن قبل 2020، في إطار مساعي تعزيز الجهود الدولية لمكافحة تغير المناخ. مفارقة غريبة أن يتبنى لبنان “التوقف عن إنتاج الوقود الأحفوري”، وهو إلى الآن يجهد لتأمين استخراج الغاز من البحر، إلا إذا كان الغاز لا يصنف من قبل المسؤولين اللبنانيين من بين الطاقات الأحفورية، ولا نعرف إلى ماذا استند رئيس الوفد اللبناني في مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ والمنعقد في مراكش فهاكين كباكيان حين أعلن أن لبنان يسعى لأن يبقي ارتفاع درجة الحرارة إلى 1.5 درجة مئوية! وأشار كباكيان في تصريح خلال المؤتمر إلى أن سبب “انضمامنا لمنتدى المعرضين مناخيا، هو أننا قمنا بإنجاز دراسات في لبنان، ورأينا ان استمرارنا في العمل تحت هدف الحفاظ على ارتفاع درجة الحرارة بدرجتين مئويتين، سينتج عنه عبء على الاقتصاد بقيمة 17 مليار دولار بحلول عام 2040، وهنا نحن نتحدث عن التأثر من جراء التغيرات المناخية”، وأضاف: “في نفس الدراسة رأينا أننا إذا استطعنا التوصل إلى 1.5 درجة مئوية كهدف بدل درجتين، فإن ما نسبته 90 بالمئة من هذا العبء”. حد أدنى من المصداقية تصريح كباكيان عصيّ على الفهم، وكان من الأفضل لو مضى “الحدث” دون صخب إعلامي، وتصوير الأمر على أنه “إنجاز تاريخي” للبنان، فقطع التزام على مستوى دولي يفترض على الأقل، حداً أدنى من المصداقية، فالولايات المتحدة الأميركية لن تتمكن من الإيفاء بالتزاماتها كما حددت في العام 2020، وأكد تقرير حديث أنها ستضطر من أجل الإيفاء بالتزاماتها في حدود 2030، فأين إمكانيات لبنان من إمكانيات الولايات المتحدة. إن معظم الدول المنضوية في “منتدى المعرضين مناخيا” لديها كحد أدنى برامج واضحة في مجال الطاقات المتجددة، وهي قادرة في حدود معينة تبني التزامات ولو في حدودها الدنيا، أما لبنان فلم يتمكن إلى الآن من تحديد تصور واضح في هذا المجال، ومشاريع الطاقة المتجددة مؤجلة بقرار رسمي، لاعتبارات لا يغيب عنها اقتسام موارد هذا القطاع الذي لم يبصر النور إلى الآن، وسط حالة الفساد القائمة في مختلف مرافق ومؤسسات الدولة. تجدر الإشارة في هذا المجال إلى أن “مشروع هوا عكار” المنجزة دراساته منذ أكثر من عشر سنوات، لم يبدأ العمل بعد، رغم إنجاز التشريعات المطلوبة. فضيحة وبما أن كباكيان ضليع بلغة الأرقام، ألم يطلع على أكثر من دراسة علمية تشير إلى مساهمة قطاع النفايات في لبنان في مجال الانبعاثات؟ فقد أشارت دراسة صدرت قبل نحو عام في الجامعة الأميركية في بيروت للطالبة أماني معلوف بإشراف البروفسور معتصم الفاضل، إلى أن “قطاع النفايات الصلبة يساهم بتوليد غازات الاحتباس الحراري (الدفيئة) كثاني أوكسيد الكربون (CO2) والميثان (CH4) وأكسيد النيتروز (N2O)، وعدد قليل من الغازات الأخرى التي لها تأثير طفيف وتنبعث هذه الغازات من خلال مختلف العمليات ومكونات نظام إدارة النفايات من الجمع والنقل لإعادة الاستعمال والتدوير والتسميد والهضم الهوائي واللاهوائي، والحرق، والطمر”. وفي نفس الدراسة يشكل مجموع انبعاثات غازات الدفيئة من قطاع النفايات 9.40 بالمئة من انبعاثات غازات الدفيئة الوطنية، بالمقارنة مع حجم الانبعاثات العالمية من قطاع النفايات التي لا تتجاوز 3 بالمئة من الانبعاثات العالمية! إن تبني لبنان وعودا من قبيل وقف استخراج الطاقة الأحفورية والتحول 100 بالمئة نحو الطاقات المتجددة، هو فضيحة جديدة، تذكر بالنادرة المعروفة عن جحا، يوم وعد الملك بتعليم الحمار القراءة في 20 سنة، ولما سألوه: ألا تخاف أن يقطع الملك رأسك؟ أجابهم: “بعد 20 سنة، إما يموت الملك، أو أموت أنا أو يموت الحمار!

 

شاهد أيضاً

مديلر الم

مديرة المشروع القومي لنظم الخلايا الشمسية: تم توفير 16 ميغاواط من الكهرباء

سلطت الدكتورة هند فروح ، مديرة المشروع القومي لنظم الخلايا الشمسية الصغيرة بمشروع الأمم المتحدة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *